جعفر عبد الكريم الخابوري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جعفر عبد الكريم الخابوري

مملكة البحرين
 
الرئيسيةالرئيسية  اليوميةاليومية  أحدث الصورأحدث الصور  س .و .جس .و .ج  بحـثبحـث  الأعضاءالأعضاء  المجموعاتالمجموعات  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مدونة جعفر الخابوري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
جعفر الخابوري
Admin
جعفر الخابوري


المساهمات : 177
تاريخ التسجيل : 07/05/2023

مدونة جعفر الخابوري  Empty
مُساهمةموضوع: مدونة جعفر الخابوري    مدونة جعفر الخابوري  Emptyالإثنين مايو 08, 2023 5:05 am

[size=30]إنه موقف العطاء الذي يتفجر كالينبوع من النفس، لا موقف التلقي والأخذ من عطاء الآخرين، وهذا هو ما تعبر عنه الصلاة في روحيتها المنسابة مع كلّ كلمة من كلماتها، أو حركة من حركاتها، ليتحسّس الإنسان معها العلاقة باللّه، كما لو كانت شيئاً يتجسّد ويُحسّ ويتحوّل إلى فعل محبة وعبادة وصداقة، واستغراق للروح في وعي القيم الكبيرة المنطلقة من خلال اللّه، واستشعار لمسؤولياته عن المعاني الكبيرة في الحياة، من خلال الموقف الحقّ الذي يقفه بين يدي اللّه في استعادته لعملية الإيمان، وليعيش القوّة أمام نوازع الضعف وتحدّيات القوى، لئلا يبقى بعيداً عن مصدر القوّة التي تسنده، وتدعم وجوده وموقفه، وترعاه في كلّ مجالاته، فيستطيع أن يحقّق التماسك والانضباط بين يدي اللّه.[/size]
[size=30]ثانيهما: ما يؤكده قوله تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} من تكامل بين علاقة الإنسان باللّه وعلاقته بالحياة.[/size]
[size=30]فهذه الآية تؤكد بأنَّ على الإنسان أن يعيش العطاء، فيعطي مما رزقه اللّه، لأنَّ كلّ ما في الكون هو للّه تعالى، وكلّ ما يقع تحت يديه هو للّه تعالى، لأنه إنما كان له بقدرته تعالى، وبما هيّأ له من الأسباب والوسائل، ورفع من طريقه العقبات والموانع، ولذا عليه أن يشعر بأنَّ العطاء وظيفة ومسؤولية لا تفضلاً ومنّة. فالإنسان مؤتمن على ما ملّكه اللّه تعالى ومكنه منه، وبالتالي عليه أن يدبره ويديره ويتصرّف به وفق مشيئة مالكه الحق، أي اللّه سبحانه وتعالى.[/size]
[size=30]وبذلك يتصاعد الإيحاء، في لفتة رائعة، تنسب المال إلى مصدره الأساس وهو اللّه، ليدرك أنه لا ينفق مما يختص به، أو يملكه ملكاً ذاتياً حتى يعيش أنانية العطاء، بل ينفق مما رزقه اللّه. ويتسع الإيحاء في ربط الإنفاق بمصدر العطاء الذي هو اللّه، ليعتبر الإنسان أنه مسؤول عن كلّ ما رزقه اللّه من رزق ليعطيه وينفق منه على أساس المسؤولية، فليس حراً في أن يفعل به ما يريد كما يريد. وقد نلتقي ببعض الأحاديث المأثورة التي تستوحي من الآية الفكرة التي تمتد بالإنفاق إلى ما هو أبعد من المال، فتتسع المسؤولية لتشمل كلّ طاقة يملكها الإنسان مما يحتاج إليه الآخرون، فقد ورد في الحديث عن الإمام جعفر الصادق(ع) في مقام تطبيق الآية: «{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} قال: وممّا علمناهم يبثون»[1]. وفي حديث آخر: «وما علّمناهم من القرآن يتلون»[2]، ومن الطبيعي أنَّ الإمام الصادق (ع) لا يريد أن يحصر مدلول الآية في إنفاق العلم، لأنَّ مجالها اللغوي أوسع من ذلك، ولأنَّ الآيات القرآنية الكثيرة الواردة في أمثال هذا السياق ظاهرة في المال أو في ما هو أوسع من المال... ولكن الظاهر أنه يريد الإيحاء، للذين يفهمون منها المال، أنها تشمل العلم كأسلوب من أساليب التوجيه والتنبيه للآخرين الذين يملكون العلم ولا يبثونه في من يحتاج إليه، على اعتبار أنَّ هذه الصفة من السمات البارزة للشخصية الإيمانية، وهذا ما استوحيناه من سعة المدلول القرآني.[/size]
[size=30]ونحن نستطيع أن نستوحي منها، أيضاً، الإنفاق في مجالات أخرى، كإنفاق الجاه والجهد والخبرة وغيرها من الطاقات، لنطلب من الآخرين الذين يملكون أمثال ذلك أن لا يحتكروه لأنفسهم، بل أن يبذلوه لمن يحتاجه من النّاس.[/size]
[size=30]وملخّص الفكرة، أنَّ المؤمن يشعر بأنه مسؤول عن الإنفاق من كلّ ما رزقه اللّه من مال أو علم أو جهد أو جاه وغيره، من موقع الواجب لا من موقع التفضل.[/size]
[size=30]وقد يناقش المناقشون في ظهور اللفظ في ذلك، ولكن اللفظ ليس مدلولاً لغوياً يتجمد المعنى عنده، بل هو إيحاء عميق ممتد في رحاب الحياة، يتسع ويشمل كلّ ما يتصل به من أجواء ومواقف وأشياء.[/size]
* * *
الإيمان بالرسالات السَّماوية، شرط أساس:
[size=30]{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ} ، هذه هي الصفة الرابعة من صفات المتقين، وهي صفة الإيمان بالوحي المنزل على النبيّ محمَّد (ص)، لينسجموا في إيمانهم مع كلّ مفهوم من مفاهيم الإسلام، ومع كلّ حكم من أحكامه، لئلا يبقى هناك أيّ فراغ فكري أو تشريعي أو روحي يواجه به الإنسان حياته، ليبحث في أفكار الآخرين وتشريعاتهم عمّا يسدّ هذا الفراغ، بل يعيش الامتلاء الفكري والوجداني والقانوني في كلّ المجالات.[/size]
[size=30]ثُمَّ، الإيمان بوحدة الرسالات. فالمؤمنون هم الذين يؤمنون برسالة النبيّ محمَّد (ص) على أنها امتداد للرسالات السابقة التي لم تكن رسالات بشرية، بل هي وحي منزل من اللّه سبحانه وتعالى. وفي هذا الجوّ نشعر بأنَّ الإنسان المسلم لا يعيش أية عقدة نفسية إزاء الرسالات الأخرى كالنصرانية واليهودية، ولا يرفض مقدساتها الأصيلة، بل الإنسان المسلم هو الذي يؤمن بالأديان الأخرى وبمقدساتها، ولكن ضمن إطارها الزمني الخاص الذي أراد اللّه للرسالات أن تعيش فيه، لأنَّ الإسلام يعتبر نفسه امتداداً للأديان الأخرى ومكملاً لها، كما كان كلّ دين مكمّلاً للدِّين الذي سبقه. وقد ورد عن المسيح (ع) قوله: «إنما جئت لأكمل الناموس»، وورد عن النبيّ (ص) قوله: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».[/size]
[size=30]وقد نستطيع أن نفهم من هذا كلّه أنَّ الإسلام يجمع الخصائص الأساسية في اليهودية والنصرانية، وفي رسالة إبراهيم (ع) والرسل من قبله، ويحوي ـ بالإضافة إلى ذلك ـ خصائص جديدة اقتضتها طبيعة الحاجات التي استحدثتها الحياة بعد انتهاء دور الرسالات. ولذلك، فإنَّ المسلم ـ كما قلنا ـ لا يعاني أية عقدة من هذه الجهة، بل قد يعاني من عقدة الانحراف العقيدي والتشريعي الذي وصلت إليه هاتان الديانتان، وهذا ما أظهرته النصوص القرآنية الكثيرة التي حدّثتنا عن تحريف التوراة والإنجيل من قبل أهل الكتاب.[/size]
[size=30]وقد نستنتج من ذلك أنَّ المسلم لا يعيش الروح الطائفية المعقدة تجاه الأديان الأخرى، وذلك لارتباطه بالمفاهيم الإسلامية الأصيلة، وإذا صدرت أحياناً مواقف سلبية تناقض تلك الروح الإسلامية المتسامحة مع الأديان الأخرى، فإنما مردها إلى تعقيدات وضغوط الواقع السياسي والاجتماعي الذي يفرز مثل هذه المواقف، وبالتالي فإنَّ السلبيات ليست ناتجة من خلال نظرة المسلم تجاه الدِّين الآخر أو المقدسات الأخرى، وذلك على العكس تماماً مما نجده عند الآخرين؛ فاليهود مثلاً، ينكرون النصرانية والإسلام كدين، والنصارى ينكرون الإسلام كدين، لذلك نجدهم معقّدين من جهتنا دينياً.[/size]
[size=30]وعلى ضوء الانفتاح الإسلامي على اليهود والنصارى باعتبارهم أهل كتاب يؤمن به المسلمون من خلال إسلامهم، أطلق القرآن الكريم الدعوة إلى الحوار معهم وذلك في قوله تعالى: {قُلْ يا أهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّه وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّه فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران:64] باعتبار أنَّ المفاهيم الروحية والأخلاقية ـ بالإضافة إلى المسألة التوحيدية في خطّها العام ـ تمثّل قاعدة التوافق التي يمكن أن ينطلق معها اللقاء، ويتحرّك فيها الحوار، ويرتكز عليها التعايش الذي طرحه الإسلام في علاقة المسلمين بأهل الكتاب.[/size]
* * *
دور الاعتقاد بالآخرة:
[size=30]] وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ[ الإيقان هو الاعتقاد. والإيمان بالآخرة هو الصفة الخامسة من صفات المتقين. وهو من أقوى الأسس العقيدية لبناء الشخصية الإسلامية التقيّة، وسنعرف ـ في ما نستقبل من آيات ـ أنَّ قيمة الإيمان باللّه واليوم الآخر، هي في تعاظم الشعور بالمسؤولية لدى الإنسان، لأنها تجعل للحياة هدفاً، وتمدّ الحياة إلى مجالٍ أبعد من الحياة الحسية التي نمارسها. وبهذا يستطيع الإنسان الارتباط بالمثل العليا ارتباطاً أعمق على أساس إيمانه باللّه واليوم الآخر، فإذا اجتمعت هذه الصفات في نفس الإنسان وفي عمله، أمكن له أن يطمئن إلى أنه يسير على هدى من ربّه في ما يفكر ويعمل، وأنه يتحرّك في اتجاه الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.[/size]
[size=30]] أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ[ هؤلاء، الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة وينفقون مما رزقهم اللّه، يسيرون على طريق الهدى، لأنَّ الإيمان باللّه يفتح آفاق الحياة أمام الإنسان، والإيمان بالرسالات يخطط له حياته، أمّا الإيمان بالآخرة، فيجعل للحياة هدفاً كبيراً يمكن للإنسان أن يجاهد من أجله ويسعى إليه.[/size]
[size=30]هذه هي الأسس الثلاثة للعقيدة.. ويتبعها ـ كما قلنا ـ المظهران العمليان للعقيدة، وهما: إقامة الصلاة التي تربطه باللّه؛ والإنفاق مما رزقه اللّه الذي يربطه بالحياة.[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://fhhgyrtyhhuh.ahlamontada.com
 
مدونة جعفر الخابوري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مدونة جعفر الخابوري
» مدونة جعفر الخابوري
» مدونة جعفر الخابوري
» مدونة جعفر الخابوري
» مدونة جعفر الخابوري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جعفر عبد الكريم الخابوري :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: